كان جسد الملك مسجي في توابيته الثلاثة الموجودة في التابوت الحجري , ووضع التابوت داخل مظلة خشبية يعلوها حيات الكوبرا ومحمولة علي زحافة يجرها اثني عشر رجلا يرتدون ملابس الحداد الكتانية , ويلفون حول رؤوسهم أشرطة الحداد كتانية بيضاء , وكتب اعلي المنظر : "إنهم يتكلمون في صوت واحد قائلين .. فلتأتي يا نب خبرو رع (توت عنخ امون ) في سلام أيها الإله و حامي الأرض"
انتظرت العائلة الملكية تتقدمهم الارملة الحزينة عنخ اس ان با امون وبعض من كبار رجال الدولة امام مدخل المقبرة , جاءوا ليودعوا الملك توت عنخ امون , ويشهدوا اجراءات الجنازة , وقفوا يراقبون مستشار الملك آي وهو يقوم بأولي الطقوس وهي طقسة فتح الفم , ولان الملك توت عنخ امون لم ينجب أي ولد ذكر , وحتى البنات التي أنجبها ماتت في سن الولادة , ولذا قام المستشار آي بتنفيذ طقسة فتح الفم بصفته الابن الأكبر للملك توت عنخ امون.
وصور علي الحائط الشمالي بغرفة الدفن بمقبرة الملك توت عنخ امون منظر يصور الملك توت عنخ امون في شكل اوزيري , ويقف أمامه آي وهو يمثل حورس ابن إيزيس ويرتدي التاج الأزرق ويلبس رداء الفهد الذي يرتديه الكهنة أثناء أداء الطقوس , ويمسك آي في يده الأزميل المعقوف ويحاول أن يلمس بها جسد الملك وحواسه العين لكي يري والأذن لكي يسمع والأنف لكي يتنفس والفم لكي يتكلم واللسان كي يأكل وتسمي هذه الطقسة باسم " طقسة فتح الفم."
وضع الكهنة جسد الملك توت عنخ أمون في التابوت الأول المصنوع من الخشب الذي يعلوه طبقة سميكة من الذهب , وكان بداخله كفن كتاني احمر مطوي ثلاث طيات, ووضعوا التابوت الأول داخل التابوت الثاني المصنوع من الخشب المذهب , وكان التابوت الثاني مرتبط مع غطائه بعشرة خوابير منقوشة , ووضع الكهنة فوق هذا التابوت كفنا كتانيا مهترء وفوقه إكليل من الورود الجنائزية , ووضع الكهنة التابوتين في تابوت ثالث والذي كان بداخله علي قطعتين من الأكفان الكتانية , وكان هذا التابوت مرتبط مع غطائه بأربعة أيادي فضية , وقد شكل الغطاء علي هيئة الملك في الوضع الاوزيري , ويوجد علي الجبين طائر العقاب و الكوبرا والذي يحيطهما معا إكليل صغير من الورود الجنائزية.
وفي النهاية وضع الكهنة التوابيت الثلاثة والمومياء في صندوق التابوت الحجري والذي نحت من كتلة واحدة من حجر الكوارتزيت , ووضعوا عليه غطاء من حجر الجرانيت الأحمر, ويبدو ان الغطاء كسر في العصور القديمة أثناء نقله إلي داخل المقبرة أو أثناء وضعه علي التابوت , ولكن من الملاحظ ان الكهنة قاموا بترميمه بمادة الجبس , ويوجد علي الغطاء منظر قرص الشمس المجنح , وثلاثة أعمدة من الكتابة الهيروغليفية, ويوجد علي الصندوق الحجري نحت بارز لآلهة أربعة في أركان الصندوق , وهذه الالهة تضم إيزيس ونيت وسرقت و نفتيس واللاتي يمدن أذرعهن حماية لجسد المتوفى.
حضر مراسم دفن الملك توت عنخ امون ثمانية أفراد علي الأقل , وتناولوا الوجبة الجنائزية وحضروا مراسم طقسة فتح الفم , ويؤكد ذلك ما عثر عليه في حفرة تبعد حوالي 110 متر من مقبرة الملك توت عنخ أمون , وهي تقع بالقرب من مقبرة سيتي الأول, وأخذت هذه الحفرة رقما بين مقابر وادي الملوك وهو ك ف 54 , وفيها عثر علي اثني عشرة إناء فخاري كانت مختومة بختم الملك توت عنخ أمون وختم الجبانة المميز في عهد نفس الملك , ولهذا السبب و أسباب أخرى ربط الباحثون بين هذه الحفرة ومقبرة الملك توت عنخ أمون.
كانت هذه الأواني المختومة تضم أكواب فخارية مكسورة سواء للطعام أو للجعة , وصرر كتانية بها ملح نطرون وقشور قمح , ولفائف وأربطة كتانية , وأكاليل زهور , ومكنستين , وبقايا عظام حيوانية , وعظام طيور , وقناع جنائزي , وقطعة كتان سجل عليها نص هيراطيقي: "الرب الطيب سيد الارضين نب خبرو رع ( لقب الملك توت عنخ أمون ) محبوب (الإله ) مين, كتان العام السادس".
بدراسة كل هذه المكتشفات التي عثر عليها في المقبرة الحفرة 54 يتضح أن صرر الكتان واللفائف تتعلق بعملية تحنيط الملك توت عنخ أمون , أما باقي المكتشفات تتعلق بالوجبة الجنائزية التي أقامتها العائلة الملكية بعد أن أغلقوا التابوت الحجري علي جسد الملك المحنط, ويبدو أن هذه الوجبة كانت لثمانية أفراد وكانت الوجبة عبارة عن خمس بطات و إوزتين وفخذ ضأن , وكميات من الجعة والنبيذ, ويبدو ان المشيعين تركوا بقايا أدوات الدفن وما تبقي من الوجبة الجنائزية في الممر الأول من المقبرة , ولكن المشرفون علي دفن الملك قاموا بنقل هذه المخلفات إلي المقبرة الحفرة رقم 54 , وردموا الممر بالرديم والحجارة بعد الانتهاء من طقوس دفن الملك.
جروب عصير الكتب
صفحة عصير الكتب على الفيسبوك
ادمن : محمد فتحى
تعليقات