كانت مصر رائدة بين بلدان الشرق القديم في مجال القصة والرواية ولاتزال قصص "سنوهي" و"القروي الفصيح" و"نجاة الملاح" وغيرها تمثل البدايات الأولى لأدب القصة والرواية في تاريخ الأدب العالمي.
فقد
عرف المصريون القدماء الأدب القصصي منذ فجر حياتهم وبرعوا في صياغته، وقد
جمعت قصصهم في سياقها بين حقائق موضوعية وبين صياغة فنية وبين أخيلة تصور
المعجزات وفنون السحر وبين آراء خاصة، وأمانٍ عامة، عبّر عنها المصري
القديم بطريقة الرمز.
والمتتبع
لتاريخ القصة في الأدب المصري لا يرى أمامه أي مثال للقصة في الدولة
القديمة ولا ما سبقها من العهود، وإن كانت ظواهر الأحوال وإشارات متون
الأهرام تدلنا على أنه كانت هناك أساطير وأقاصيص عن الآلهة ترجع عهودها إلى
ما قبل التاريخ، ومهما يكن من أمر فإن غياب القصة في عهد الدولة القديمة
لا ينهض دليلاً على عدم وجودها؛ فقد يُكْشف يومًا ما عن عناصرها الأولى في
هذه العهود البعيدة.
ويبدأ
العصر الذهبي للقصة منذ عهد الثورة الاجتماعية الأولى حيث مرت البلاد في
ذلك الوقت بأحداث كثيرة، ازدهر الأدب بعدها. ويجمع المؤرخون على أن هذا
العصر قدم قدرًا من الأدب يكاد يعطينا صورة واضحة عن الحياة الاجتماعية في
تلك الفترة.
روائع قصص الأدب المصري القديم
ولعل من أروع المقطوعات الأدبية التي تنسب إلى تلك الفترة هي قصة "القروي الفصيح"
والتي تعتبر من أشهر النماذج الأدبية التي خلفها لنا المصريون القدماء،
وليس أدل على ذلك من إعجاب المصري بهذه القصة من كثرة النسخ التي عثر عليها
منها والتي تبين مدى انتشارها على امتداد أزمنة طويلة.
والقصص
التي وصلتنا من عصر الدولة الوسطى قصص ناضجة تدل على أن أدب القصة في عهد
الدولة الوسطى لا يمثل مرحلة تطور فحسب بل إنه يمثل ذروة الأدب القصصي في
مختلف عصور الحضارة المصرية القديمة.
ومن القصص التي ترجع إلى عهد الدولة الوسطى قصة "سنوهي" وهي من القصص الواقعي الذي يلقي ضوءًا على الحوادث التي جرت في بداية عهد الأسرة الثانية عشرة. وهناك قصة "نجاة الملاح" وقد حكيت بطريقة سهلة ولغة عذبة.
صالة عرض قصة القروى الفصيح بمتحف برلين
صالة عرض قصة القروى الفصيح بمتحف برلين
أما القصص الذي يرجع إلى عهد الدولة الحديثة والعصر المتأخر فهناك الكثير منه، مثل قصة "فتح يافا" التي تبين كيف أصبح المصريون دهاة في الخدع والمهارات الحربية، وهناك قصة "ون آمون"
التي تعد من أواخر عهد الدولة الحديثة الراقي، ولقد وضع كاتبها أمام
أعيننا صورة مدهشة لتدهور الإمبراطورية المصرية وغروب شمسها. وهناك قصة "الأخوين" وتعد أول قصة من نوعها في الأدب المصري القديم كتبت باللغة الشعبية، وهناك قصة "الأمير المسحور" أو "الأمير الُمُقدَر عليه" وهذه القصة توضح الصلة بين مصر وبلاد الشرق في أخريات أيام الدولة الحديثة، أما قصة "الصدق والبهتان" فهي من القصص التعليمي الذي يقصد به أصحابه إلى العبرة والموعظة الحسنة.
تعليقات