من المعروف أن العبادات فى مصر القديمة كانت تقام فى أى معبد باسم الملك الذى كان مسئولاً عن إقامة العبادات والشعائر أمام الأرباب، فضلاً عن دوره السياسى والإدارى والتشريعى. وهكذا فإن واجبات الملك الدينية تعددت، فكان هو المسئول عن إقامة المعابد للأرباب، وتقديم القرابين والهدايا لهم، والقيام بالخدمة الدينية والطقوس الخاصة بالأرباب فى هذه المعابد، أى أنه كان الكاهن الأول لكل المعبودات، وكذلك كانت تقام له الصلوات بجانب الأرباب الذين عُبدوا فى هذه المعابد.
وقد اختلفت العلاقة بين الملك
والمعبود عن علاقة المعبودات بغيره من الرعية؛ فالملك بوصفه حاكم البلاد،
ونائب الأرباب فى إقرار النظام والحكم على الأرض، كان أيضاً بمثابة ابن
الأرباب وخليفتهم على الأرض؛ ومن ثم فإنه كان يعد هو الكاهن الأول لكل
البلاد، ووجب عليه القيام بمختلف الطقوس لكافة المعبودات المصرية فى كل
المعابد المختلفة فى طول البلاد وعرضها.
ومن البدهى أن هذا الأمر كان
محالاً وفقاً للاعتبارات الزمانية والمكانية، ومن ثم فقد كان الملك ينيب عن
نفسه أولاده أو كبار موظفيه فى كل إقليم وفى كل مدينة. على أن الملك كان
يقوم بنفسه بأداء هذه الواجبات تجاه معبود العاصمة، والرب الرسمى للبلاد.
وقد وردت عبارة فى أحد فصول الشعائر تذكر: "إن الأرباب قد أعدوا لى السبيل،
وإن الملك هو الذى يرسلنى لاجتلاء طلعة المعبود".
فالملك إذاً كان هو المسئول عن
تعيين الكهنة، والذين كان يتم اختيارهم عادة من أسمى درجات المجتمع. وعلى
هذا فإن مكانة الكهانة كانت تستند فى المقام الأول على الإنابة عن الملك
الحاكم المؤلَّه فى تأدية الطقوس الدينية اليومية فى كل المعابد، وفى كافة
أرجاء البلاد باسم الملك، ولكل المعبودات والأرباب.
تعليقات